الفراغ القاتل سفّاح السعادة

نستخلص من الفقرة السابقة أن الحزن بلا سبب نابع من الفراغ الذي لا يشغله هدف وبالتالي يصير الإنسان الفارغ مهموم تافه، يصير مهموماً يدمر حياته ببطء تماماً كما يموت الشخص بالسم طويل المدى، فتجده يتألم طوال حياته حتى يموت، وفي نفس الوقت ذلك الإنسان يتعمد التفاهة حتى يتناسى ألم الفراغ ويخدع نفسه أنه شخص جيد، فهو يعلم في عقله أن هناك خلل هو السبب فيه ولكنه يخدع نفسه بالأفعال التافهة حتى يتجاهل الواقع المرير الذي يعيش فيه بسبب فراغه القاتل تماماً كما تضع النعامة رأسها في التراب لتتجاهل الخطر وتظنّ أنها في أمان؛ لم أجد كلاماً يجسد هذه المصيبة إلّا هذا البيت الذي كتبه الإمام ابن القيم فقال:
فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة … وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم
فصاحبنا يدري مشكلته ولكنه يتجاهلها حتى تكبر المشكلة وتصير أمامه كالجبل الضخم الذي يوشك أن يسقط فوق رأسه فيدمره كُليّا.لكن لماذا الفراغ القاتل والحرية المطلقة بلا هدف يشغلها تشكل كل هذا الخطر على حياة الإنسان؟؛ الأمر بسيط ويوضحه الدكتور مصطفى محمود في كتابه (في الحب والحياة) فيقول: “الحرية تطالب بدينها باستمرار.. تطالب بالمسئولية.. تطالب بعبء تحمله.. وإن لم تجد عبئاً تتحول هي نفسها إلى عبء لا يُحتمل ولا يُطاق”، ولذلك على الإنسان الذي يملك وقت فراغ أن يشغله بهدف حتى لا ينزلق في منحدرات الألم التي يصنعها الفراغ القاتل.
ضع لنفسك خطة مرنة تنفذها في وقت فراغك، املأها بأهداف بسيطة تقدر على تنفيذها بدون أن تملّ بسرعة، وفي نفس الوقت اجعل هذه الأهداف البسيطة مبنية على بعضها حتى تتجمّع في النهاية وتنتج هدف كبير تم تحقيقه وإنجازه في هذا الفراغ المشغول بهدف؛ وبعد إنجازك لهذا الهدف الكبير سوف تشعر براحة نفسية وفخر بنفسك لأنّك فعلت شيئاً مفيداً، وحميت نفسك من عذاب وحش الفراغ القاتل وشبح الحرية الطائشة.
أقوال عن وقت الفراغ:
- “يستحيل الاستمتاع بوقت الفراغ تماماً إلا إذا كان لدى المرء عمل كثير يقوم به” – جيروم كلابكا جيروم.
- “املأ فراغك بالخير والتزم ببرنامج متوازن ولا تنسى مصاحبة الخيرين من بني جلدتك وخالط باستمرار من يحبونك ويساهمون في تطويرك” – ابراهيم الفقي.
- “إذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة” – عمر بن الخطاب.
- “هناك أربع طرق لإضاعة الوقت : الفراغ و الاهمال و إساءة العمل و العمل في غير وقته” – فولتير.
- “آفات الفراغ فى أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشى والفناء . إذا كان
العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى” – محمد الغزالي. - “لقد جربت زحمة الأعمال، وكثرة الإرهاق، فوجدت الفراغ أصعبُ منها بكثير” – علي الطنطاوي.
- “الضجر أو الفراغ يسمحان للعقل بأن يمتلىء بطاقة غير مستخدمة فيتولد بذلك إحساس مؤلم ويتم توليد حالة من الوعي المسرف والمفرط بالذات .. ويؤدي هذا إلى النتيجة المعتادة بمنع الغرائز من القيام بعملها الهادىء الذي لا يعترضه عائق وتتجمد الأحاسيس وتصبح الرغبة في أحاسيس قوية احتياجاً جارحاً مؤلماً” – كولن ولسن.
- “والإنسان، أي إنسانٍ .. يخاف من الفراغ” – حسين البرغوثي.
- “وقت الفراغ هو خرافة وضعها الفارغون فلا تردد هذا اللفظ ولا تستعمله فإنه لا فراغ إلا عند التافهين” – ابراهيم الفقي.
- “الفراغ طريق ناجح للإنتحار” – عائض القرني.
- “ما هي السعادة ؟ هي لحظات قصار يتوقف فيها الملل مؤقتاً وينهار فيها الفراغ نسبياً !” – كوليت الخوري.
- ” الساعات الطويلة من الفراغ والوحدة بإمكانها أن تعلمك الكثير من العادات السيئة” – محمد الرطيان.
- ” إن الطبيعة تمقت التعطل وكل فراغ يتواجد في الحياة يمتلئ من تلقاء نفسه بالهم والشقاء” – مصطفى محمود.
- “و إن أعظم البلاء : وفرة الفراغ مع حضور الكسل” – محمود أبوزيد.
أتمنى لكم الاستفادة من هذا المقال، وإلى اللقاء مع مقالات إيجابية جديدة.
تعليقات
إرسال تعليق